الأربعاء، 17 أكتوبر 2018

29 سبتمبر 1963 ... 29 سبتمبر 2018 الأفافاس قصة نضال عمرها 55 عاما...

الزعيم حسين آيت أحمد في أحد تجمعاته بمنطقة القبائل بعيد الاستقلال

و هي الفرصة لأسرد لكم هذه الحكاية:


في إحدى أزقة قريتنا العتيقة و من على حائط آيل للانهيار تتراءى كتابة عريضة بلون أبيض باهت، أثر السنون بادي عليها، مفادها ثلاثة أحرف لاتينية FFS . في صباي لم أتمكن من تفكيك شيفرة تلك الأحرف أو علي لم أشأ تكبد عناء تفكيكها، فقط كنت حينها أعتاد قراءتها و ترديدها كلما مررت بذلك الدرب الضيق تطبيقا لما كنت أتلقفه لدى معلم الفرنسية و أنا تلميذ بالإبتدائية.

كنا نكبر و أضحى معنى تلك الأحرف أكثر وضوحا بعد تفكيك شيفرتها، فظهرت أنها علامة مسجلة باسم جبهة القوى الاشتراكية، تماما كما عرفت من عند أحد شيوخ قريتنا أن تلك الكتابة تعود إلى أيام تمرد آيت أحمد على السلطة التي صادرت استقلال شعب و داست على إرادته، و كان ذلك ذات 29 سبتمبر 1963 يقول الشيخ العجوز، يومها قدر للمعارضة كمفهوم و كآلية أن ترى النور بالجزائر.

دفعني الفضول بعدها لسؤال نفس الشيخ عن سر صمود هته الكتابة طيلة هذه المدة التي لا تعتبر هينة على الإطلاق فلم يتجرأ أحد على تدنيسها أو تشويهها، فأجاب: طيلة هذه المدة كانت جبهة القوى الاشتراكية تجتهد في كسب احترام و تقدير الأوساط الشعبية عوض التسابق على خطف المكاسب و المناصب و هذا يعد سببا كافيا لصمودها و تموقعها في القلوب قبل الجدران. إلى هنا كانت لكلماته بالغ الأثر في نفسي و ربما تكون قد ساهمت في بلورة فكري السياسي الحديث العهد.

أدرك أن تلك الأحرف احتفظ لي القدر معها موعدا و أنا أعد أحد مناضلي الأفافاس اليوم، الجبهة التي لا يسعها وصف الحزب، فهي أكبر ، هي مشروع مجتمع ،هي أفكار و مبادئ و قيم، هي مواقف و محطات صقلتها عبقرية مؤسسيه و مناضليه و صهرتها 55 عاما من التضحيات.

الآن، و في ظل هذا النظام المغلق، فضلا عما يحيط بنا من تحديات إقليمية و دولية، خاصة و نحن على أعتاب نظام دولي جديد يحاول فيه كل طرف فرض منطقه عنوة، تتعاظم مسؤوليتنا تجاه ما و رثناه من إرث سياسي ضخم و قيم، إنه الامتداد الحقيقي للحركة الوطنية و الأرضية الصلبة لبناء دولة المؤسسات، دولة الحق و القانون، في الحقيقة ليس لنا خيار آخر فنحن مجبرون على الحفاظ على هذا الإرث عبر التحلي بالذكاء و الشجاعة و بالكثير من الخيال، حتى لا نكون كمن يسعى إلى حتفه بظلفه، و لا بأس إن نحن حطمنا قيود شخصنة نقاشاتنا و أردفناه بالابتعاد عن منطق الأنا الضيق كأفراد و كذلك كمجموعة.

تحيا الجزائر
يحيا المغرب الكبير
يحيا الأفافاس
المجد لشهداء الجزائر و شهداء القضايا العادلة.

ز.هشام
29 سبتمبر 2018